مقدمة
يتميز مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) بارتفاع معدل انتشاره، وتنوع أعراضه السريرية، ومعدلات الاعتلال التي غالبًا ما يتم التقليل من شأنها، بالإضافة إلى عواقبه الاقتصادية الكبيرة.
سيستعرض هذا الموضوع المظاهر السريرية وتشخيص مرض الارتجاع المعدي المريئي. أما آلياته المرضية وإدارته فيتم مناقشتها بشكل مفصل في مواضيع منفصلة. (انظر: "الفيزيولوجيا المرضية لمرض الارتجاع المعدي المريئي" و "الإدارة الأولية لمرض الارتجاع المعدي المريئي لدى البالغين" و "العلاج الجراحي للارتجاع المعدي المريئي لدى البالغين").
المصطلحات
نصنف مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) إما بناءً على مظهر الغشاء المخاطي للمريء في التنظير العلوي أو على العلاقة بين نتائج قياس الحموضة (pH-metry) والأعراض التي يبلغ عنها المريض. توجد تعريفات متنوعة لمرض الارتجاع المعدي المريئي، وتشمل تلك التي تستند إلى الأعراض، أو نتائج التنظير، أو الاختبارات الفسيولوجية باستخدام قياس الحموضة، أو حتى الاستجابة للعلاج المضاد للإفرازات.
(توضيح: "قياس الحموضة" (pH-metry) هو اختبار يقيس درجة الحموضة في المريء على مدار 24 ساعة لتحديد مدى تكرار وشدة الارتجاع الحمضي.1 "العلاج المضاد للإفرازات" يعني الأدوية التي تقلل من إفراز حمض المعدة.)
- التهاب المريء التآكلي (Erosive esophagitis): هو تشخيص مؤكد لمرض الارتجاع المعدي المريئي. يتميز بوجود تآكلات مرئية بالتنظير في الغشاء المخاطي للمريء البعيد (distal esophageal mucosa)، سواء كانت مصحوبة بأعراض الارتجاع أم لا.
(توضيح: "التآكلات" (erosions) هي تقرحات سطحية في بطانة المريء. "البعيد" يعني الجزء السفلي من المريء الأقرب إلى المعدة.)
- مرض الارتجاع غير التآكلي الحقيقي (True nonerosive reflux disease - NERD): يُعرّف بأنه وجود كمية زائدة قابلة للقياس من التعرض للحمض في المريء بناءً على اختبارات قياس الحموضة، في غياب التهاب المريء التآكلي.
(توضيح: هذا النوع من الارتجاع يحدث فيه ضرر للمريء بسبب الحمض، لكن هذا الضرر لا يظهر كتآكلات واضحة عند الفحص بالمنظار.)
- فرط الحساسية للارتجاع (Reflux hypersensitivity) أو حرقة الفؤاد الوظيفية (functional heartburn): تحدث عندما يعاني المريض من أعراض الارتجاع النموذجية، مع نتائج طبيعية في التنظير العلوي وتعرض طبيعي لحمض المريء في اختبار قياس الحموضة.
(توضيح: هذه الحالات هي اضطرابات في التفاعل بين الأمعاء والدماغ (gut-brain interaction dysregulation) وغالبًا ما تكون مصحوبة باليقظة المفرطة والقلق، مما يجعل المريض يشعر بالألم أو الأعراض بشكل مبالغ فيه على الرغم من عدم وجود ارتجاع كبير. "حرقة الفؤاد الوظيفية" تعني أن الأعراض لا ترتبط بخلل عضوي واضح.)
وفقًا لمعايير روما الرابعة (Rome IV criteria)، يتم تعريف فرط الحساسية للارتجاع بالأعراض التي يبلغ عنها المريض والتي تتوافق مع نوبات الارتجاع أثناء المراقبة. وعلى النقيض، تُعرّف حرقة الفؤاد الوظيفية بعدم وجود ارتباط بين أعراض المريض ونوبات الارتجاع. إدارة هاتين الحالتين هي نفسها.
عند قياسه بواسطة اختبار حموضة المريء، فإن درجة معينة من الارتجاع تعتبر طبيعية (فيسيولوجية). ومع ذلك، يختلف الأفراد بشكل كبير في حساسيتهم للارتجاع الحمضي، ولا ترتبط الأعراض الشبيهة بالارتجاع دائمًا بشكل متسق بالتشوهات التي تظهر في التنظير أو قياس الحموضة. هذا يجعل من المستحيل وضع حد فاصل (dichotomous cutoff) بين ما هو طبيعي وغير طبيعي، وقد أدى إلى إضافة مصطلحات تعريفية لمرض الارتجاع المعدي المريئي، مثل "مرض الارتجاع غير التآكلي الحقيقي (NERD)" و "الارتجاع المعدي المريئي المؤكد (proven GERD)" و "الارتجاع المعدي المريئي الذي يستدعي العلاج (actionable GERD)".
الوبائيات
يختلف معدل انتشار مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) حسب المنطقة الجغرافية ويعتمد على المعايير المستخدمة لتعريفه. في مراجعة منهجية لـ 31 دراسة وبائية، تراوح معدل انتشار مرض الارتجاع المعدي المريئي بين 15 و 30 في المئة في الدول الغربية و 5 إلى 10 في المئة في آسيا. كان معدل الإصابة في العالم الغربي حوالي خمسة لكل 1000 شخص في السنة، أو 0.5 في المئة سنويًا.
(توضيح: "الوبائيات" هي دراسة انتشار الأمراض في المجتمعات. "معدل الانتشار" (prevalence) هو عدد الحالات الموجودة في فترة زمنية معينة، في حين أن "معدل الإصابة" (incidence) هو عدد الحالات الجديدة التي تظهر خلال فترة زمنية محددة.)
عادة ما تستند التقديرات الوبائية إلى بيانات الاستبيانات التي تساوي بين الإبلاغ الذاتي عن حرقة الفؤاد و/أو الارتجاع مع تشخيص مرض الارتجاع المعدي المريئي. من المرجح أن تبالغ هذه البيانات في تقدير انتشار المرض مقارنة بالتقديرات القائمة على نتائج التنظير أو التعرض غير الطبيعي لحمض المريء في اختبار قياس الحموضة.
السمات السريرية
المظاهر السريرية:
- حرقة الفؤاد: توصف عادة بأنها إحساس بالحرقة في منطقة خلف عظمة القص (retrosternal area) وتحدث عادة بعد تناول الطعام (postprandial).3 تشمل حرقة الفؤاد التي يمكن أن تؤثر على جودة الحياة النوبات المتكررة (≥2 يوم/أسبوع) الخفيفة أو النوبات الأقل تكرارًا (<2 يوم/أسبوع) التي تكون معتدلة إلى شديدة.
(توضيح: "خلف عظمة القص" يعني خلف عظمة الصدر مباشرة. "بعد تناول الطعام" (postprandial) هي مصطلح طبي يشير إلى الفترة التي تلي الوجبة.)
- الارتجاع: يُعرّف بأنه إدراك تدفق محتويات المعدة المرتجعة إلى الفم أو البلعوم السفلي (hypopharynx). عادةً ما يرتجع المرضى مادة حمضية مختلطة بكميات صغيرة من الطعام غير المهضوم.
(توضيح: "البلعوم السفلي" هو الجزء الأعمق من الحلق.)
تشمل الأعراض الأخرى لمرض الارتجاع المعدي المريئي صعوبة البلع (dysphagia)، وألم الصدر، والارتشاح المائي (water brash)، وإحساس بالكرة في الحلق (globus sensation)، وألم البلع (odynophagia)، وأعراض خارج المريء (مثل السعال المزمن، وبحة الصوت، والأزيز)، ونادرًا الغثيان.4
- صعوبة البلع (Dysphagia): شائعة في حالات حرقة الفؤاد المزمنة وغالبًا ما تُعزى إلى التهاب المريء الارتجاعي، ولكنها قد تكون مؤشرًا على وجود تضيق في المريء (esophageal stricture).5 ألم البلع (Odynophagia) هو عرض غير شائع للارتجاع المعدي المريئي، ولكنه عندما يكون موجودًا، فإنه عادةً ما يشير إلى قرحة في المريء.
- ألم الصدر المرتبط بالارتجاع المعدي المريئي: يمكن أن يحاكي الذبحة الصدرية (angina pectoris). يوصف عادة بأنه ألم ضاغط أو حارق تحت عظمة القص، ينتشر إلى الظهر أو الرقبة أو الفك أو الذراعين. يحدث الألم عادة بعد الوجبات ويمكن أن يوقظ المرضى من النوم.6 يمكن أن يستمر من دقائق إلى ساعات، ويتفاقم بسبب الإجهاد العاطفي، ويزول تلقائيًا أو باستخدام مضادات الحموضة.
- الارتشاح المائي (Water brash): أو زيادة إفراز اللعاب (hypersalivation) هو عرض غير عادي نسبيًا حيث يمكن أن يفرز المرضى ما يصل إلى 10 مل من اللعاب في الدقيقة استجابةً للارتجاع.
- إحساس بالكرة في الحلق (Globus sensation): هو الإحساس المستمر بوجود كتلة في الحلق (بغض النظر عن البلع).7 على الرغم من أن بعض المؤلفين يقترحون وجود علاقة بين هذا الإحساس والارتجاع المعدي المريئي، إلا أن ذلك لم يتم إثباته.
- الغثيان: نادرًا ما يُبلغ عنه مع الارتجاع المعدي المريئي، ولكن يجب النظر في تشخيص الارتجاع في المرضى الذين يعانون من غثيان غير مبرر.
النتائج الشعاعية:
لا يمتلك فحص الباريوم المزدوج التباين (Double-contrast barium swallow) فائدة كبيرة في تشخيص الارتجاع المعدي المريئي. فهو أقل حساسية من التنظير العلوي وله نتائج متغيرة. كما أنه أقل تحديدًا (less specific)، حيث يختبر جزء كبير من الأفراد الذين لا يعانون من أعراض ارتجاع الباريوم أثناء الفحص.
(توضيح: "فحص الباريوم" هو اختبار بالأشعة السينية يستخدم سائل الباريوم لطلاء الأسطح الداخلية للمريء والمعدة لزيادة وضوحها.)
تعتبر الأشعة السينية أكثر حساسية من التنظير في الكشف عن التضيقات الدقيقة وفي تحديد شكل فتق الحجاب الحاجز (hiatal hernias).
(توضيح: "فتق الحجاب الحاجز" هو حالة تندفع فيها المعدة إلى الأعلى عبر الحجاب الحاجز إلى الصدر.)
على الرغم من أنها أقل حساسية من التنظير، إلا أن أشعة الباريوم المزدوجة التباين يمكن أن تكشف عن تغيرات في الغشاء المخاطي المصاحبة لالتهاب المريء، مثل المظهر الحبيبي أو التجمعات الضحلة للباريوم التي تشير إلى وجود تآكلات.
التشخيص
المرضى الذين يعانون من أعراض كلاسيكية: في الأفراد الذين يعانون من أعراض نموذجية لحرقة الفؤاد و/أو الارتجاع، غالبًا ما يستند تشخيص مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) إلى الأعراض السريرية وحدها. ومع ذلك، قد يحتاج المرضى إلى تقييم إضافي إذا كانت لديهم علامات مقلقة، أو عوامل خطر للإصابة بمريء باريت، أو استجابة ضعيفة للعلاج، أو نتائج غير طبيعية في فحوصات الجهاز الهضمي.
(توضيح: "مريء باريت" (Barrett's esophagus) هي حالة يتغير فيها نسيج بطانة المريء السفلي بسبب التعرض المزمن لحمض المعدة.)8
الاستجابة للعلاج المضاد للإفرازات ليست معيارًا تشخيصيًا للارتجاع المعدي المريئي. على الرغم من أن 40 إلى 90 في المئة من المرضى الذين لديهم أعراض تشير إلى الارتجاع يستجيبون بشكل جيد لأدوية مثبطات مضخة البروتون (PPIs)، فإن الاستجابة لمثبطات مضخة البروتون لا ترتبط بشكل جيد بالمقاييس الموضوعية للمرض.
(توضيح: "مثبطات مضخة البروتون" (PPIs) هي فئة من الأدوية التي تقلل بشكل كبير من إنتاج حمض المعدة.)
المرضى الذين لا يعانون من أعراض كلاسيكية: يمكن رؤية أعراض أخرى (مثل ألم الصدر، إحساس بالكرة في الحلق، السعال المزمن، بحة الصوت، الأزيز، والغثيان) في سياق الارتجاع المعدي المريئي، ولكنها ليست كافية لعمل تشخيص سريري للمرض في غياب الأعراض الكلاسيكية لحرقة الفؤاد والارتجاع.
يجب استبعاد الاضطرابات الأخرى قبل إرجاع هذه الأعراض إلى الارتجاع المعدي المريئي. على سبيل المثال، يجب أن يخضع الأفراد الذين يعانون من ألم صدر غير مبرر لتقييم عوامل الخطر ولفحص الأسباب القلبية لألم الصدر قبل إجراء تقييم للجهاز الهضمي.9
التقييم في المرضى المختارين
هناك حاجة إلى تقييم إضافي في مرضى مختارين يُشتبه في إصابتهم بمرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) لاستبعاد المسببات البديلة، وتأكيد التشخيص، وتقييم المضاعفات (مثل مريء باريت).
التنظير العلوي للجهاز الهضمي:
دواعي الاستخدام:
يُشار إلى التنظير العلوي في المرضى الذين يُشتبه في إصابتهم بالارتجاع المعدي المريئي لتقييم السمات المقلقة أو نتائج التصوير غير الطبيعية إذا لم يتم إجراؤها خلال الأشهر الثلاثة الماضية. يجب أيضًا إجراء التنظير العلوي للكشف عن مريء باريت في المرضى الذين لديهم عوامل خطر.
يجب على المرضى التوقف عن تناول مثبطات مضخة البروتون أو حاصرات حمض البوتاسيوم التنافسية لمدة لا تقل عن أسبوعين إلى أربعة أسابيع قبل التنظير.
(توضيح: "حاصرات حمض البوتاسيوم التنافسية" (potassium-competitive acid blockers) هي نوع أحدث من الأدوية التي تثبط إنتاج الحمض في المعدة.)
لا يتطلب تشخيص الارتجاع المعدي المريئي إجراء التنظير العلوي. ومع ذلك، يمكن أن يستبعد التنظير الأورام الخبيثة في الجهاز الهضمي العلوي ويكشف عن مظاهر الارتجاع في المريء، مثل حؤول باريت (Barrett's metaplasia)، والتهاب المريء التآكلي، والتضيقات، أو فتق الحجاب الحاجز.10
السمات المقلقة:
هي التي تشير إلى وجود ورم خبيث في الجهاز الهضمي وتشمل:
- ظهور عسر الهضم (dyspepsia) لأول مرة في مريض يبلغ من العمر 60 عامًا فما فوق.
- وجود دليل على نزيف الجهاز الهضمي (قيء دموي، براز أسود، براز دموي، دم خفي في البراز).
- فقر الدم الناتج عن نقص الحديد.
- فقدان الشهية (anorexia).
- فقدان الوزن غير المبرر.
- صعوبة البلع (dysphagia).11
- ألم البلع (odynophagia).12
- القيء المستمر.
وجود سرطان في الجهاز الهضمي لدى قريب من الدرجة الأولى.
عوامل الخطر للإصابة بمريء باريت: يوصى عادةً بالفحص للكشف عن مريء باريت للمرضى الذين لديهم عوامل خطر متعددة (يجب أن تكون واحدة منها على الأقل مدة الارتجاع المعدي المريئي لمدة 5 إلى 10 سنوات).
تشمل عوامل الخطر:
- مدة الارتجاع المعدي المريئي 5 إلى 10 سنوات على الأقل.
- العمر 50 عامًا أو أكبر.13
- الجنس الذكري.
- الأفراد البيض.
- فتق الحجاب الحاجز.
- السمنة.
- الارتجاع الليلي.
- استخدام التبغ (سابقًا أو حاليًا).14
- وجود قريب من الدرجة الأولى مصاب بمريء باريت و/أو ورم غدي سرطاني.
النتائج التنظيرية:
قد يكون التنظير العلوي طبيعيًا لدى مرضى الارتجاع المعدي المريئي أو قد يكشف عن دليل على التهاب المريء بدرجات متفاوتة من الشدة.
على النقيض من التهاب المريء الناتج عن العدوى والأدوية، والتي تكون عادة في منتصف المريء، فإن التقرحات التي تظهر في التهاب المريء الهضمي (peptic esophagitis) تكون عادة غير منتظمة الشكل أو خطية، ومتعددة، وتقع في الجزء الأبعد من المريء.
تشمل النتائج التنظيرية الأخرى لدى المرضى الذين يعانون من الارتجاع المزمن التضيقات الهضمية، وحؤول باريت، والورم الغدي السرطاني في المريء.15
تصنيف شدة التهاب المريء:
يتم تصنيف التهاب المريء التآكلي حسب شدته لتوجيه الإدارة. تم وضع العديد من مخططات التصنيف التنظيري لتقليل التباين بين الأطباء في تقييم شدة التهاب المريء الهضمي. من بين هذه التصنيفات، يُعتبر تصنيف لوس أنجلوس (Los Angeles classification) الأكثر تقييمًا على نطاق واسع والأكثر استخدامًا.16
تصنيف لوس أنجلوس: يصنف شدة التهاب المريء حسب مدى التغيرات في الغشاء المخاطي، مع تسجيل المضاعفات بشكل منفصل. في هذا التصنيف، تشير "التآكلات المخاطية" (mucosal break) إلى منطقة متآكلة بجوار غشاء مخاطي أكثر طبيعية في الظهارة الحرشفية (squamous epithelium)، مع أو بدون إفرازات.
(توضيح: "الظهارة الحرشفية" هي نوع من الأنسجة التي تبطن المريء.)
الدرجة A: تآكل مخاطي واحد أو أكثر، كل واحد منها ≤ 5 مم في الطول.
الدرجة B: تآكل مخاطي واحد على الأقل > 5 مم في الطول، ولكنه ليس متصلاً بين قمم الطيات المخاطية المتجاورة.
الدرجة C: تآكل مخاطي واحد على الأقل متصل بين قمم الطيات المخاطية المتجاورة، ولكنه ليس محيطيًا (غير دائري).
الدرجة D: تآكل مخاطي يغطي ما لا يقل عن ثلاثة أرباع محيط التجويف.
علم الأنسجة (Histology): غالبًا ما تحدث التغيرات النسيجية التي تشير إلى الارتجاع المعدي المريئي في أولئك الذين يعانون من أعراض شبيهة بالارتجاع وليس لديهم نتائج تنظيرية مرئية. ومع ذلك، فإن النتائج النسيجية ليست خاصة بمرض الارتجاع المعدي المريئي؛ يمكن رؤيتها أيضًا في أولئك الذين يعانون من التهاب المريء اليوزيني (eosinophilic esophagitis).
(توضيح: "التهاب المريء اليوزيني" هو نوع من التهاب المريء يسببه تراكم نوع من خلايا الدم البيضاء (اليوزينيات) فيه.)
إن أكثر النتائج النسيجية التي يتم ملاحظتها باستمرار في الارتجاع المعدي المريئي هي تمدد المسافات بين الخلايا (dilatation of the intercellular spaces) التي تُرى تحت المجهر الإلكتروني. تشمل الميزات النسيجية الأخرى وجود خلايا عدلات (neutrophils) وخلايا أحادية النواة (mononuclear cells) وخلايا يوزينية (eosinophils)؛ وتوسع القنوات الوعائية في حليمات الصفيحة القاعدية (lamina propria)؛ وتكاثر الطبقة الخلوية القاعدية (basal cell layer) مع خلايا حرشفية باهتة ومنتفخة ("balloon" cells)؛ واستطالة حليمات الظهارة.
تشير الدراسات النسيجية إلى أن الارتجاع يطلق التهابًا محفزًا بواسطة السيتوكينات (cytokine-triggered inflammation) بدلاً من التسبب في حرق كيميائي مباشر (بالحمض، البيبسين، والصفراء) لظهارة المريء.
(توضيح: "السيتوكينات" هي بروتينات صغيرة تفرزها الخلايا وتلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم المناعة والالتهاب.)
قياس حركية المريء (Esophageal manometry): في المرضى الذين يُشتبه في إصابتهم بالارتجاع والذين يعانون من ألم في الصدر و/أو صعوبة في البلع ونتائج تنظير علوي طبيعية، نقوم بإجراء قياس حركية المريء لاستبعاد اضطراب حركية المريء. لا يمكن لهذا الاختبار تشخيص الارتجاع المعدي المريئي.17 ومع ذلك، يمكنه ضمان الوضع الصحيح لمجسات قياس الحموضة المتنقلة وتقييم وظيفة التمعج (peristaltic function) قبل الجراحة المضادة للارتجاع.
(توضيح: "قياس حركية المريء" هو اختبار يقيس ضغط العضلات في المريء وقوة التمعج (الحركة الموجية التي تدفع الطعام إلى المعدة). "التمعج" هي الحركات العضلية اللاإرادية التي تدفع الطعام إلى أسفل المريء.)
مراقبة حموضة المريء المتنقلة (Ambulatory esophageal pH monitoring): في المرضى الذين يعانون من أعراض مستمرة، نستخدم مراقبة الحموضة المتنقلة أو مراقبة الحموضة والمعاوقة (pH-impedance) لتقييم كفاية العلاج وتأكيد تشخيص الارتجاع المعدي المريئي، خاصة إذا فشلت محاولة استخدام مثبطات مضخة البروتون مرتين يوميًا.18
(توضيح: "مراقبة الحموضة والمعاوقة" (pH-impedance) هي تقنية أكثر تقدمًا من مجرد قياس الحموضة، حيث يمكنها الكشف عن جميع أنواع الارتجاع (حمضي وغير حمضي) من خلال قياس التغيرات في المعاوقة الكهربائية داخل المريء.)
تشمل طرق مراقبة الحموضة المتنقلة المراقبة عبر الأنف والمراقبة اللاسلكية، وكلاهما يقترن بجهاز استشعار للحموضة مع مسجلات بيانات محمولة وتحليل حاسوبي للبيانات.
مراقبة الحموضة عبر الأنف: تتضمن وضع قسطرة مزودة بمستشعر للحموضة على بعد 5 سم فوق الحد العلوي المحدد يدويًا للعضلة العاصرة للمريء السفلية. يرتدي المريض الجهاز لمدة 24 ساعة وينصح بتناول نظام غذائي غير مقيد.
مراقبة الحموضة اللاسلكية: تتضمن تثبيت جهاز على شكل كبسولة على الغشاء المخاطي للمريء البعيد. يتم تثبيت كبسولة الحموضة على بعد 6 سم قربًا من الوصلة الحرشفية العمودية المحددة بالتنظير. تستمر المراقبة لمدة يومين إلى أربعة أيام. قد تزيد فترة المراقبة الأطول من حساسية الدراسة للكشف عن نوبات الارتجاع، وتسهل ربط الأعراض بنوبات الارتجاع، وتسمح بتقييم الظروف الغذائية و/أو العلاجية المتغيرة وتأثيرها على الارتجاع.
التشخيص التفريقي
يشمل التشخيص التفريقي لمرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) التهاب المريء المعدي، والتهاب المريء الدوائي، والتهاب المريء اليوزيني. تشمل الأسباب الأخرى لصعوبة البلع وجود حلقات/أغشية في المريء، وضعف التمعج بسبب اضطراب حركية المريء.
(توضيح: "التشخيص التفريقي" هو قائمة بالحالات المحتملة التي يمكن أن تسبب أعراضًا مماثلة للمرض قيد الدراسة.)
قد تكون حرقة الفؤاد المتكررة أيضًا بسبب فرط الحساسية للارتجاع أو حرقة الفؤاد الوظيفية. يمكن تمييز الارتجاع المعدي المريئي عن هذه الحالات عن طريق اختبار الحموضة أو الحموضة والمعاوقة.
الملخص والنقاط الرئيسية
فيما يلي أهم ثلاث نقاط أساسية من المقال، بأسلوب مبسط للجمهور غير المتخصص:
مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) متنوع: ليس كل من يعاني من حرقة أو ارتجاع مصابًا بالارتجاع المعدي المريئي بالمعنى الدقيق للكلمة. بعض الأشخاص لديهم أعراض واضحة مع تآكلات في المريء (التهاب المريء التآكلي)، بينما البعض الآخر يعاني من أعراض شديدة دون أي تآكلات ظاهرة بالتنظير (الارتجاع غير التآكلي).19 وهناك من يعانون من أعراض الارتجاع لكنهم لا يملكون أي زيادة في الحموضة، وهذه تسمى حالات "حساسية الارتجاع" أو "حرقة الفؤاد الوظيفية"، وهي غالبًا مرتبطة بتفاعل معقد بين الدماغ والجهاز الهضمي.
التشخيص لا يعتمد دائمًا على الفحوصات: في كثير من الحالات، يمكن للطبيب تشخيص الارتجاع المعدي المريئي بناءً على الأعراض الكلاسيكية (حرقة الفؤاد والارتجاع) وحدها. لكن في حالات معينة، خاصة إذا كانت الأعراض غير نمطية، أو لم يستجب المريض للعلاج، أو كانت لديه علامات مقلقة مثل فقدان الوزن وصعوبة البلع، قد يحتاج الطبيب إلى إجراء فحوصات إضافية مثل التنظير العلوي أو اختبارات قياس الحموضة لتأكيد التشخيص أو استبعاد وجود مشاكل أخرى أكثر خطورة.
الفحوصات الإضافية ضرورية في بعض الأحيان: على الرغم من أن التنظير العلوي ليس مطلوبًا دائمًا لتشخيص الارتجاع، فإنه ضروري للبحث عن المضاعفات المحتملة مثل "مريء باريت"، وهي حالة قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان المريء. اختبارات قياس الحموضة المتنقلة (مثل اختبار 24 ساعة) مهمة جدًا لتحديد ما إذا كانت الأعراض مرتبطة فعليًا بالارتجاع، خاصة في المرضى الذين لا يستجيبون للعلاج الأولي.
 
